مشروع رئيس مجلس الأحوال الشخصية
انفراد حل مشاكل زواج للمرة الأولي في تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وفي محاولة للتقليل من مشاكل الطلاق لدي الأقباط الأرثوذكس وتحصين الأسرة القبطية من المصاعب قبل تكوينها عن طريق تأهيلها في فترة الخطوبة أعد الأنبا بولا أسقف طنطا ورئيس المجلس الإكليريكي للأحوال الشخصية بالكنيسة القبطية مشروعا يطبق علي المخطوبين الأقباط قبل الزواج اختياريا حتي الحادي عشر من شهو يوليو القادم ويصبح هذا المشروع إجباريا علي جميع المخطوبين الأقباط في طنطا بعد هذا التاريخ باعتباره أسقفا لها ثم يمكن تعميمه بعد ذلك علي كل الأقباط في مصر.
المشروع الذي سيطبقه الأنبا بولا علي جميع المخطوبين الأقباط في طنطا يبدأ منتصف هذا الصيف وتنفرد آخر ساعة بنشره ويتكون المشروع من ثلاثة محاور، المحور الأول عن موضوعات تتعلق بالزواج في عظات اجتماع الشباب بالكنيسة مثل مراعاة التوافق عند الاختيار من جهة السن فعلي الخطيب ألا يكون أكبر كثيرا لأن ذلك يؤدي إلي الغيرة بعد الزواج وعدم التوافق الفكري والعاطفي ومشاكل جنسية بعد مرور فترة معينة علي الزواج بالنسبة للزوج فتكون الزوجة في سن متوسطة مما قد يسبب مشاكل زوجية.
ومن ناحية أخري لاتكون الخطيبة هي الأكبر سنا حتي تتجنب الغيرة علي زوجها والتي تصل إلي درجة الشك في أغلب تصرفات زوجها وإحساس الزوج بكبر سنها مع الوقت مما قد يدفعه للبحث عمن تناسبه سنا وشكلا وأن يكون سن الزواج مناسبا لكلا الطرفين لأن الزواج في سن مبكرة يقلل من إمكانية تحمل المسئولية وروح المشاركة واستيعاب الآخر وقت ضعفه بالإضافة إلي ضرورة التوافق في المستوي الاجتماعي فلا يجب أن يتزوج بمن يتميز عنه اجتماعيا وعلي ألا يكون هو متميزا كثيرا عنها لأن الفوارق الطبيعية تسبب مشاكل مع الوقت بالإضافة إلي التوافق في المستوي التعليمي..
أما المحور الثاني وهو إجباري ويتعلق بالفحص الطبي السابق للزواج وغير مسموح لأي خطيبين علي الإطلاق بالزواج في الكنيسة قبل الفحص الطبي ويشير الأنبا بولا في مشروعه إلي أن الفحص الطبي يجري بصورة سرية في مكان محدد تابع للكنيسة ويمر هذا الفحص بعدة مراحل منها الفحص الظاهري للخطيبين كل منهما علي حدة، وهناك الفحص بالأشعة بأنواعها. ثم عمل التحاليل الطبية اللازمة ومن ثم يقوم أحد الآباء الكهنة ولابد أن يكون طبيبا سابقا بدراسة نتائج الفحوصات وعليه إبلاغ الطرف الآخر الخطيب أو الخطيبة بالنتائج إذا كانت سليمة وفي حالة إذا كان سن أحدهما أقل من 21 سنة لابد من إبلاغ ولي أمره بالنسبة لصغيرة السن بالموافقة علي الزواج وعندئذ يتم التصريح له بإجراءات الزواج في الموعد المحدد له، ويوضح الأنبا بولا أنه في حالة وجود أي مرض لأي من الخطيبين يتم إخبار الطرف الآخر 'السليم' بمرض 'الخطيب أو الخطيبة' وإذا وافق علي اتمام الزواج وهو علي علم بمرض الطرف الآخر يقوم بكتابة إقرار بخط يده بأنه موافق علي الزواج من الطرف الآخر علي الرغم من مرضه، وهذا حتي نتجنب مشاكل ما بعد الزواج لأن البعض يطلب الطلاق والحصول علي تصريح ثان بالزواج لأنه اكتشف أن الطرف الآخر خدعه قبل الزواج ولم يقل له أنه مريض وأن هذا أثر عليه فيحصل هذا الطرف علي بطلان زواج بالإضافة إلي تصريح زواج ثان.. وتعود أهمية الفحص الطبي في مشروع الأنبا بولا من وجهة نظره إلي اكتشاف أي أمراض أو قصور في الحالة الصحية في سن مبكرة لأنه يندر في مصر أن نجد من يخضع نفسه للفحص الطبي الدوري وبالتالي يمكن العلاج المبكر لأي عيب أو مرض. ويشير الأنبا بولا إلي أن هذا النوع من الفحوصات أصبحت تقوم به معظم الكنائس علي مستوي الجمهورية.
أما المحور الثالث والذي سيطبق علي جميع المخطوبين الأقباط في طنطا، وهو الإرشاد الأسري السابق للزواج وينقسم إلي ثلاثة أجزاء.. يتعلق الجزء الأول بإعداد المرشدين الأسريين، وهناك الآن ما يقرب من 36 مرشدا وحتي يتم تغطية جميع مناطق وأحياء طنطا يلزم علي الأقل إعداد 100 مرشد آخرين علي حد قول الأنبا بولا الذي وضع شروطا للمرشدين الذين سيعملون في هذه الخدمة ومنها أن يكون المرشد ناجحا أسريا واجتماعيا وألا يقل سنه عن 40 عاما ويتم إعداده من خلال تجهيزه معرفيا وعلميا بالموضوعات التي سيقوم فيها بإعداد المخطوبين بالإضافة إلي تجهيزه حرفيا ومهاريا في كيفية العمل مع المخطوبين، فعلي المرشد أن يتعامل مع الخطيبين بالحوار وليس التلقين وأن يتعامل معهم فقط دون أن يكون ذلك في لقاءات جماعية لمزيد من التركيز ولضمان الحضور من البداية والنهاية عكس ما يحدث في الاجتماعات العامة إلي جانب تدريب المرشد علي ملاحظة التصرفات المتبادلة بين الخطيبين حتي يحكم علي مدي التوافق.. مثل المقاطعة للآخر وعدم الاحترام المتبادل والتسلط والعصبية وغيرها..
ويضع الأنبا بولا في مشروعه للحد من مشاكل ما بعد الزواج عددا من موضوعات الإرشاد الأسري يتحدث فيها المرشدون مع الخطيبين ومنها تعليم الخطيبين كيفية الحوار في الأسرة أو التواصل.. كيف أتكلم وكيف يستمع الآخر وكيف يرد، فينبغي علي من يحتاج الحوار والكلام مراعاة متي يتكلم ومتي يعرض مشكلته ومتي يعاتب.. وعدم الكلام عند معرفته بخطأ الآخر، وأثناء الانفعال أو الغضب والحديث في الوقت الذي يناسب الطرف الآخر والذي يريده وهو غير متعب أو مثقل نفسيا أو مشغول بشيء ما. والاهتمام بالجلوس لكتابة ما يريد أحد الأطراف أن يقوله علي أن يركز علي الحديث في موضوع محدد كل لقاء وكتابة ما سمع أو رأي وأحاسيسه ومشاعره.. ومما استنتجه عما رأي أو سمع وما يراه واجبا من أعمال أو قرارات. هذا ما يجب علي المتحدث أن يتبعه.
أما المستمع فلابد أن يراعي أن يكون هدفه من الجلوس هو إراحة الطرف الآخر بالاستماع الجيد له ومحاولة إيجاد حلول مريحة والجلوس قريبا من المتكلم ومواجها له والتركيز الكامل وعدم الانشغال بأي شيء بالإضافة إلي عدم المقاطعة نهائيا. وهنا يمكن كتابة بعض الملاحظات لكي لا ينسي، والتعبير بالوجه حتي يعطي إحساسا للمتكلم بالتجاوب معه وعند الانتهاء من الحديث يبدأ المستمع في أسئلة استفسارية لأجل المزيد من المعرفة بصورة مركزة، وعند بدء المستمع في الحديث لابد أن يبدأ حديثه بالتعبير عن المشاعر الطيبة والأحاسيس، بمعني أنه لابد أن يدخل إلي القلب أولا من خلال كلمات حب حتي يسهل الدخول إلي العقل بكلمات قليلة ثم الحديث فيما يتفق عليه الطرفان والبداية بما سيتم عمله وفقا للمتكلم بالإضافة إلي الاسترسال وفقا لكل ما يتفق معه والإيجاز الشديد فيما يتعارض معه ومراعاة إيجاد بدائل مما لا يمكن عمله، ومن موضوعات الإرشاد الأسري أيضا التي يضعها الأنبا بولا هي 'علاقة الزوجين بعائلتهما والأصدقاء'، ويشرح الأنبا بولا هذا الموضوع بأنه ينبغي علي كل طرف توطيد علاقة أسرتة بالطرف الآخر بنقل المشاعر الإيجابية من وإلي الآخر، ويتجنب شكوي الآخر لأي من العائلتين بالإضافة إلي تقديم الهدايا للعائلتين باسم الاثنين معا وعدم ترتيب أي زيارات أو مجاملات لأي من العائلتين إلا بسابق اتفاق بين الاثنين ويجب أن يراعي كل طرف مشاعر واحتياجات الآخر ولو علي حساب أي طرف من أطراف العائلة..
ويؤكد الأنبا بولا أن ما ينبغي مراعاته في العلاقة بين العائلتين ينبغي اتباعه أيضا مع الأصدقاء. أما الموضوع الثالث في موضوعات الإرشاد الأسري للأنبا بولا فيتحدث عن الأدوار المتبادلة بين الزوجين ويلخصها في عدد من النقاط منها: لابد مراعاة أن الرجل رأس الأسرة وأن المرأة قلبها النابض بالحب وأن رئاسة الرجل لا تلغي فكرة مساواة المرأة بالرجل وعدم تشبه الرجل في علاقته بزوجته داخل البيت بوالديه لأن الظروف تغيرت والأعباء ازدادت وتحتاج المرأة لمشاركة الرجل لها داخل البيت والمرونة في تقسيم الأعباء المنزلية لأن ما يناسب رجلا لا يناسب آخر ونفس الأمر في حالة التنفيذ بمعني في حالة مرض طرف يقوم الآخر بحب بالقيام بمهامه قدر الإمكان والتغيير في الأعباء المنزلية بين الحين والآخر وفقا للمتغيرات الأسرية.. إلي جانب المفاجآت الإيجابية بدافع الحب بأن يحضر طعاما جاهزا معه لأنها مرهقة أو يحضر مبكرا من عمله للقيام بمهامها أو يقوم بأمر لم يتعود القيام به بدافع الحب.. بالإضافة إلي ضرورة توحيد نوعية القرار داخل البيت، هل هو ذكوري أم أنثوي أم علي حسب تقسيم الاختصاصات، وبالتالي لكل صاحب اختصاص القرار فيما يخصه، وهنا يتحول المنزل إلي جزيرة منفصلة أو أن يكون القرار من خلال المشاركة عبر لقاء الأسرة معا وطرح الأمر بروح المشاركة والديمقراطية، وهذا النمط هو الأسمي والأفضل للزوجين لأنه يصل بهما إلي ما يسمي ببرلمان الأسرة، فالممارسة الديمقراطية تبدأ بالبيت.. ومن الموضوعات الأخري في الإرشاد الأسري التي يضعها الأنبا بولا في مشروعه هو مفهوم رئاسة الرجل وخضوع المرأة والأمور المالية في الأسرة وصياغتها وترتيبها والعلاقة الزوجية في السنة الأولي من الزواج وما يواجهها وكيفية التغلب علي عقباتها وغيرها من الموضوعات الهامة..
ومن ضمن الأساليب التي يضعها الأنبا بولا في مشروعه للحد من مشاكل ما بعد الزواج والتي قد ينتج عنها حدوث الطلاق هو عدد من الاستبيانات يقوم بدراستها المرشدون ويضعونها أمام المخطوبين في بداية حديثهم معهما، وفي نهاية الحديث حتي يعرف كل طرف الآخر علي حقيقته، ومن ضمن هذا الاستبيانات 'استبيان' كيف نعد أنفسنا لزواج ناجح'، وفي هذه الاستبيانات يتم الإجابة عليه من خلال وضع علامة صح أو خطأ.. ومن ضمن الأسئلة:
من أفضل مؤشرات النجاح في الزواج هو عمر الخطيبين.
أفضل علاقات الخطوبة والزواج هي تلك تلك التي يقضي فيها الطرفان كل وقت فراغهما سويا..
اختلاف القيم والمباديء قد يؤدي إلي مشاكل بين الطرفين..
وفي تصريح خاص لآخرساعة حول كون المشروع إجباري علي الأقباط بعد الحادي عشر من يوليو القادم أشار الأنبا بولا أن المشروع إجباري لصالح الأقباط، فنحن نريد الأفضل وليس الأسهل.